21 مارس 2019، اليمن: تلقت شبكة التضامن النسوي نداءات استغاثة من عضوات الشبكة المتواجدات في تعز بسبب صراع بين الجهات الأمنية والمجاميع المسلحة الموالية للحكومة الشرعية والتحالف الدولي في المناطق المحررة من جماعة الحوثي، وقد انفجر الوضع منذ يومين واحتد إلى صراع مسلح وحرب شوارع فجر اليوم دون مراعاة لوجود النساء والأطفال والمدنيون، وتعرضت المنازل السكنية للقصف العشوائي في منطقة النزاع في تعز القديمة وحارة صينة. لقد استمعنا لتسجيلات عضوات الشبكة التي تدمي القلب وهن محاصرات في منازلهن يستنجدن لحماية أطفالهن وأصوات الرصاص والقذائف تتعالى.

وتعاني محافظة تعز منذ أكثر من ثلاثة أعوام من الحصار المطبق في أجزاء واسعة من المدينة منذ اقتحمتها جماعة الحوثي المسلحة مما أدى إلى مقتل وجرح آلاف المدنيين/ات في الاشتباكات بين المقاومة الموالية للحكومة الشرعية والتحالف العربي من جهة و بين جماعة الحوثي المسلحة من جهة أخرى في ظل صمت دولي تام وتجاهل لانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. فقد أطبقت جماعة الحوثي حصاراً على المنافذ الرئيسية للمدينة والتي تشمل المدخل الشرقي والمدخل الشمالي والمدخل الغربي. فقد كانت تعز تعاني من شحة المياه قبل الحرب وأدى الحصار في تعز إلى انعدام شديد للمياه ومنع وصول الإغاثة وأساسيات الحياة لملايين الناس.

كما وارتكبت جماعة الحوثي جرائم في استهداف الأحياء السكنية بالقذائف العشوائية والدبابات والقنص واستهدفت النساء وهجرتهن قسريا من قراهن وزرعت الألغام بشكل جنوني بما في ذلك في القرى والمناطق الزراعية مما أعاق الفلاحات من كسب قوتهن وسقطت العديد من النساء ضحايا للألغام، ولم توفر الحكومة لهن أي منح علاجية أو دعم مالي يساعدهن على العيش. وحُرم العديد من الأطفال من فرصة التعليم بسبب استخدام المدارس كثكنات عسكرية للمسلحين او كسجون أو بسبب استخدامها لإيواء نازحين/ات او بسبب تعرضها للدمار.

إن وضع المناطق المحررة تحت إطار الشرعية أصبح لا يطاق بسبب الانفلات الأمني، حيث يشهد من وقت لآخر عمليات اغتيالات واعتقالات وصراعات مسلحة. فقد تم اغتيال موظف الصليب الأحمر في منطقة الضباب في العام الماضي، وتعرضت نساء منهن عضوات التضامن للتهديد المباشر من قبل المتنفذين المسلحين، وأصيبت احدى عضوات التضامن بطلق مباشر خلال صراع مسلح بين المجاميع الموالية للشرعية في العام الماضي، كما وارتفعت مؤشرات العنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك اختطاف وقتل واغتصاب الأطفال.

إن النساء في تعز يعانين بشكل مضاعف بسبب الحصار والصراع المسلح. حُرمت العديد من النساء من استكمال دراستهن الجامعية بسبب اغلاق المنافذ، فالمشوار الذي كان يأخذ نصف ساعة للوصول للجامعة أصبح يأخذ ثمان ساعات من خلال طرق وعرة وغير آمنة. وفقدت العديد من النساء أرواحهن وهن يحاولن الوصول للخدمات الصحية. كما أن النساء في تعز يضطررن للتنقل بين النقاط الأمنية للمجاميع المسلحة ويتعرضن لمخاطر مضاعفة جراء ذلك وهن يقدمن انفسهن لحماية الرجال من أسرهن من تهديد الاعتقالات والاختطافات التي تحدث في النقاط الأمنية.

وقد شملت اتفاقيات السلام في ستوكهولم تشكيل لجنة لفتح المنافذ الإنسانية في تعز، وسبقتها جهود لتشكيل لجان محلية لذات الهدف، إلا أنه إلى يومنا هذا لم نلتمس أي جدية من جميع الأطراف لرفع معاناة أبناء وبنات تعز.

لقد طفح الكيل ونحن نشهد على تدمير إحدى أيقونات اليمن بالعلم والحضارة، وعليه نطالب بالآتي:

1. على جميع الأطراف العمل على وقف إطلاق نار شامل للمحافظة أكملها، مع التزام جميع الأطراف والمجاميع المسلحة بالانسحاب بشكل فوري بما في ذلك من المدارس والمؤسسات العامة والمدنية ونقل المعسكرات ومخازن السلاح الى المناطق النائية المحيطة بالمحافظة والتي تخلو من السكان.
2. على جماعة الحوثي فتح مداخل المدينة للاستخدام المدني والسماح لوصول المواد الإغاثية وتطبيع الحياة.
3. على جماعة الحوثي تسليم خرائط الألغام كخطوة نحو بناء الثقة، وعلى الحكومة والتحالف والسلطات المحلية البدء بإزالتها وازالة بقايا الحرب من المواد المتفجرة.
4. على جميع الأطراف الالتزام بعد الانسحاب بعدم إعادة ترتيب المقاتلين التابعين لهم وإرسالهم إلى جبهات أخرى أو فتح جبهات عسكرية جديدة.
5.على حكومة الشرعية وقيادة المحافظة تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق المحررة وتنفيذ اي حملات أمنية بمسؤولية عالية تستند على مبدأ حماية المدنيين/ات، كما يجب وقف القتال بين المجاميع المسلحة الدائر حاليا ونطالب الجميع بوقف استخدام قوة السلاح والتوجه نحو تفاوض ووساطة محلية بإشراف دولي كمنظمة الصليب الأحمر للتسليم سلميا ودون ترويع الناس، واتباع الإجراءات القانونية المحلية واحترام القوانين الدولية بما في ذلك القانون الدولي الإنساني للتعامل مع هذه القضايا.
6. على جميع الأطراف وقف الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري للمدنيين وإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسرا فورا دون شروط.
7. على الحكومة الشرعية وقيادة المحافظة البدء فورا بالتحقيق حول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك قتل واغتصاب الأطفال والقبض على المجرمين وإحالتهم للقضاء ومحاسبتهم.
8. على الحكومة الشرعية انشاء صندوق لإعادة إعمار تعز، و معالجة ملف النساء الجريحات وتوفير المنح العلاجية لهن والمعونات المالية الشهرية لهن ولأسرهن، وتعويضهن عن أي أضرار أصابت منازلهن.
9. على المبعوث الأممي وضع قضية تعز في أولويات أجندة السلام والسعي بشكل جاد لحل جذري وتحقيق سلام شامل في المحافظة عبر تفعيل لجان التهدئة مع أهمية اختيار أعضاء من القطاع الأمني والعسكري لم ينخرطوا في الصراع الحالي وأهمية وجود نساء من القطاع الأمني والمجتمع المدني في هذه اللجان بما في ذلك اللجنة التي تشكلت عبر اتفاقيات ستوكهولم، وأهمية توفير الدعم الفني والمالي لهذه اللجان لتؤدي واجبها بشكل فاعل.
10. على المجتمع الدولي إدانة ما يجري في تعز وإدانة الحصار المفروض عليها والسعي لإصدار قرار مجلس أمن متعلق بتعز أسوة بالحديدة يعالج الوضع الإنساني ويؤدي إلى اتفاقية سلام محلية شاملة في المحافظة. كما ونتطلع الى زيارة لجنة الخبراء المعنيين بالتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إلى محافظة تعز ورصد الانتهاكات التي تعرض ويتعرض لها سكان المحافظة من المدنيين/ات منذ اندلاع الصراع فيها